للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستدرك، وابن جرير في تفسيره وغيرهما عن عبد الله بن سعيد الصنابحي قال:

«حضرنا مجلس معاوية، فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق، أيهما الذبيح؟ فقال بعضهم: إسماعيل، وقال البعض: إسحاق، فقال معاوية: على الخبير سقطتم، كنا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأتاه أعرابي، فقال: يا رسول الله خلفت الكلأ يابسا، والمال عابسا «١» ، هلك العيال، وضاع المال، فعد علي مما أفاء الله تعالى عليك يا ابن الذبيحين، فتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولم ينكر عليه، فقال القوم: من الذبيحان يا أمير المؤمنين؟ فقال: إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل أمرها أن ينحر بعض بنيه، فلما فرغ أسهم بينهم فكانوا عشرة، فخرج السهم على عبد الله، فأراد أن ينحره، فمنعه أخواله بنو مخزوم، وقالوا: أرض ربك، وافد ابنك. ففداه بمائة ناقة، قال معاوية: هذا واحد، والاخر إسماعيل» «٢» .

[وشهد شاهد من أهلها]

وروى ابن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي: أن عمر بن عبد العزيز أرسل إلى رجل- كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه، وكان من علمائهم- فسأله: «أي ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال: إسماعيل- والله يا أمير المؤمنين- وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب» وهذا هو الحق الذي لا ينبغي أن يكون غيره.

وأما الحديث المشهور على الألسنة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أنا ابن الذبيحين» فقد قال الإمام العراقي فيه: إنه لم يقف عليه. ولا يعرف بهذا اللفظ، وعلى هذا فلا يحتج به، ولا تجوز روايته، أو ذكره إلا مقترنا ببيان حاله.

وقد وردت روايات أخرى موقوفة ومرفوعة في أن الذبيح إسحاق، إلا أن المرفوع منها إلى النبي- والحق يقال- إما موضوع، وإما ضعيف، فلا تثبت به


(١) المال: المراد به الحيوان أي عابسا من شدة الجوع والعطش.
(٢) هذا الحديث صححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وقيل: إنه حسن، وقد ضعفه بعض العلماء، وهو في حكم المرفوع لتقرير النبي لقول الأعرابي: يا ابن الذبيحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>