للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى البخاري في صحيحه بسنده عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «بعثت من خير قرون بني ادم قرنا فقرنا، حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه» . وروى البيهقي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خطب فقال: «أنا محمد بن عبد الله ... » إلى اخر النسب الشريف ثم قال: «وما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله في خيرهما، فأخرجت من بين أبوي، فلم يصبني شيء من عهر «١» الجاهلية، وخرجت من نكاح، ولم أخرج من سفاح، من لدن ادم حتى انتهيت إلى أبي، وأمي، فأنا خيركم نفسا، وخيركم أبا» وروى الإمام أحمد في مسنده بسنده عن المطّلب بن أبي وداعة قال: قال العباس: بلغه صلّى الله عليه وسلّم بعض ما يقول الناس، فصعد المنبر فقال: «من أنا» ؟ قالوا:

أنت رسول الله، قال: «أنا محمد بن عبد الله، بن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه، وجعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة، وخلق القبائل، فجعلني في خير قبيلة، وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا، فأنا خيركم بيتا، وخيركم نفسا» إلى غير ذلك من الأحاديث «٢» .

[وراثة الصفات والفضائل]

وإذا كان الله سبحانه وتعالى جرت سنته ألايبعث نبيا إلا في وسط من قومه شرفا، ونسبا، ومحتدا، فقد كان في الذروة من هذه نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم، فما من ابائه إلا كان مليا «٣» بالفضائل، والمكارم، وقد علمت بعضا منها انفا، وما من أم من أمهاته إلا وهي أفضل نساء قومها نسبا وموضعا، ولم تزل هذه الفضائل والكمالات البشرية تنحدر من الأصول إلى الفروع حتى تجمعت كلها في سلالة ولد ادم، ومصاصة بني إبراهيم وإسماعيل، سيدنا محمد بن عبد الله الأمين.

وليس من شك في أن النسب الكريم إذا زانه الحسب العريق، كان ذلك من أسباب الكمال. ووراثة الصفات الخلقية والخلقية، والخصائص النفسية، والعقلية أمر مقرر معلوم، وقد دلّ على هذه الوراثة قوله صلّى الله عليه وسلّم للرجل الذي جاء


(١) فجور ومفاسد.
(٢) البداية والنهاية ج ٢، ص ٢٧٧- ٢٨٠.
(٣) أي غنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>