للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يستطيعوا أن يهاجروا، أما من لم يحارب المسلمين ولم يتسبب في إخراجهم فلا يحارب، وهذا هو ما صدعت به الاية الكريمة:

وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ إلى قوله: فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ» .

[الطور الثاني]

إن بعض القبائل كانوا أحلافا لقريش، أو صاروا أحلافا لها بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فحملوا على المسلمين تمشيا مع سياسة قريش العامة، أو أخذا بثأرها، ومن هؤلاء من فكروا في مهاجمة المدينة، أو هاجموها بالفعل، كما فعل كرز بن جابر الفهري، فقد أغار على سرح المدينة، وكان ذلك سببا في خروج المسلمين إليه في غزوة بدر الأولى فلم يدركوه.

ومنهم من تحرشوا بالمسلمين أو قتلوا بعوثا منهم غدرا وغيلة كما حدث في سريتي الرجيع والقرّاء، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبادر إلى لقائهم أو يرسل إليهم السرايا والبعوث ليعاقبهم على بغيهم، ويرد عليهم كيدهم، ومن هذه القبائل:

بنو غطفان، وبنو سليم، وبنو عامر، والأحابيش أحلاف قريش، وقبائل نجد وثقيف، وقد أفادت حروبه مع هؤلاء كثيرا، فقد اطّلعوا على الإسلام، وعرفوا سماحته، فأسلم منهم الكثيرون، وصاروا أعوانا للإسلام بعد أن كانوا حربا عليه.

[الطور الثالث]

لمّا تمالأ المشركون في مكة وخارجها على المسلمين وصاروا يدا واحدة في قتالهم لم يكن بدّ من قتال هؤلاء جميعا، كما يقاتلون جميعا المسلمين، وهذا هو ما أراده الله سبحانه بقوله:


(١) سورة البقرة: الايات ١٩٠- ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>