للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحدى ضراتها لها وهي السيدة عائشة رضي الله عنها بالورع والتقوى كما مر في حديث الإفك.

وكانت أولى زوجات النبي لحوقا به. روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة أم المؤمنين قالت: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا» ، قالت فكنّ يتطاولن أينا أطول يدا، قالت:

فكانت أطولنا يدا زينب لأنها كانت تعمل بيدها وتصدّق) «١» ، وقد توفيت سنة عشرين من الهجرة، وصلّى عليها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ودفنت بالبقيع، وهي أول امرأة صنع لها القبة فوق النعش ليستر شخصها «٢» .

[نزول اية الحجاب صبيحة عرسها]

ولما دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم أولم عليها ما لم يولم على غيرها، وكان ذلك سببا في نزول اية الحجاب. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما وغيرهما واللفظ للبخاري- عن أنس رضي الله عنه قال: (بني على النبي صلى الله عليه وسلم بزينب ابنة جحش بخبز ولحم، فأرسلت على الطعام داعيا، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون، ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون، فدعوت حتى ما أجد أحدا أدعو، فقلت يا نبي الله ما أجد أحدا أدعوه، قال: «ارفعوا طعامكم» ، وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى حجرة عائشة فقال: «السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله» ، فقالت: وعليك السلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك بارك الله لك، فتقرّى حجر نسائه كلهن يقول لهن كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا ثلاثة من رهط في البيت يتحدثون، وكان النبي شديد الحياء، فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة، فما أدري اخبرته أو أخبر أن القوم خرجوا، فرجع، حتى إذا وضع رجله


(١) فهمن- رضي الله عنهن- أن المراد بالطول الطول الحسي، ثم ظهر لهن أن المراد الطول المجازي طول اليد في الخير والبر.
(٢) البداية والنهاية، ج ٤ ص ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>