للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تارك ديني لدينك أفتضمن لي ديني؟ فقال رسول الله: «نعم أنا ضامن أن قد هداك الله إلى ما هو خير منه» فأسلم وأسلم أصحابه.

فخرج الجارود راجعا إلى قومه، وكان حسن الإسلام صلبا في دينه، وقد أدرك الردّة، فلما رجع من قومه من رجع منهم قام الجارود فتشهّد ودعا إلى الإسلام فقال: (أيها الناس، إني أشهد ألاإله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأكفّر من لم يشهد) . وإنها لمكرمة له.

ويؤيد تعدد وفادتهم ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: «ما لي أرى ألوانكم تغيّرت» ؟ ففيه إشعار بأنه كان راهم قبل هذا «١» .

[وفد بني حنيفة]

وقدم وفد بني حنيفة وفيهم مسيلمة الكذاب، فنزلوا في دار رملة بنت الحارث وكانت معدة للوفود، فجعل يقول: (إن جعل لي محمد الأمر من بعده اتبعته) فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال له:

«لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها، ولن تعدو أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنّك الله، وإني لأراك الذي أريت فيه ما رأيت، وهذا ثابت بن قيس يجيبك عني» ، ثم انصرف عنه.

قال ابن عباس: فسألت عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنك أرى الذي أريت فيه ما رأيت) فأخبرني أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينا أنا نائم رأيت في يديّ سوارين من ذهب، فأهمني شأنهما، فأوحي إليّ في المنام أن انفخهما، فنفختهما فذهبا، فأوّلتهما كذابين يخرجان» «٢» .

والكذابان: أحدهما الأسود العنسي الذي ادعى النبوة بصنعاء وقد قتل قبل وفاة النبي بيوم وليلة، وجاء الخبر بذلك صبيحة دفن النبي. والاخر مسيلمة: ادّعى النبوة في بني حنيفة حتى قتل في خلافة الصديق.


(١) فتح الباري ج ٨ ص ٦١.
(٢) رواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>