للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هجرة الحبشة الثانية]

لما رأى المسلمون العائدون من الحبشة بعد الهجرة الأولى أن الأذى لا يزال مستمرا، والبلاء لا يزال قائما، بل اشتد أكثر من ذي قبل بعد المهادنة التي أعقبت إسلام الفاروق عمر- رضي الله عنه- خرجوا إلى الحبشة مرة أخرى، وهاجر معهم كثيرون غيرهم أكثر منهم، وعدتهم- كما قال ابن إسحاق وغيره- ثلاثة وثمانون رجلا إن كان عمار بن ياسر فيهم، واثنان وثمانون رجلا إن لم يكن فيهم، قال السهيلي: وهو الأصح عند أهل السير كالواقدي، وابن عقبة وغيرهما «١» ، وثماني عشرة امرأة: إحدى عشرة قرشيات، وسبع غير قرشيات، وذلك عدا أبنائهم الذين خرجوا معهم صغارا، ثم الذين ولدوا لهم فيها.

وقد عدّ ابن إسحاق منهم: جعفر بن أبي طالب، وزوجته أسماء بنت عميس، وقد ولدت له بها ابنهما عبد الله، وعبد الله بن مسعود، والمقداد بن عمرو المعروف بابن الأسود، وعامر بن أبي وقاص، وخنيس بن حذافة السهمي، وهشام بن العاص بن وائل السهمي، والسكران بن عمرو، ومعه امرأته سودة بنت زمعة، وأبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح، وعبيد الله بن جحش، ومعه زوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب، وقد كانت عاقبة أمره خسرا، فقد افتتن هناك وتنصّر وأكبّ على شرب الخمر حتى مات، فصارت امرأته- رضي الله عنها- أيّما، وفي غربة من وطنها ومن أهلها، وتحمّلت كل ذلك في سبيل عقيدتها ودينها، فلما انتهت عدتها أرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى النجاشي ليعقد له


(١) شرح المواهب، ج ١ ص ٣٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>