للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجد الرسول الفرصة سانحة لتخليص بني المصطلق مما وقعوا فيه، فقال لها: «فهل لك في خير من ذلك؟» ، قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: «أقضي عنك كتابتك وأتزوجك» ، قالت: نعم، وخرج الخبر إلى الناس، وفشا بينهم أن رسول الله قد تزوج جويرية بنت الحارث، وكان المسلمون عند حسن ظنه وبعد نظره، فقالوا: أصهار رسول الله يسترقون؟!! فأطلقوا كل من بأيديهم، قالت عائشة- راوية القصة-: فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها.

وبفضل هذا التصرف النبوي الحكيم أسلم بنو المصطلق عن طواعية جميعا، وصاروا أعوانا للمسلمين بعد أن كانوا عليهم.

[حدثان عظيمان في هذه الغزوة]

وفي هذه الغزوة نجمت حادثتان عظيمتان: إحداهما كادت تحدث فتنة بين المسلمين لولا أن النبي تدارك ذلك بموهبته السياسية الفائقة، والثانية حادثة الإفك التي حسم الكلام بشأنها وحي السماء، ونزل بسببها تشريع عام خالد.

[الحدث الأول]

بينما المسلمون على الماء يستقون، وكان مع عمر غلام أجير له من بني غفار يسمى جهجاه بن مسعود الغفاري يقود له فرسه، فتزاحم جهجاه وسنان بن وبر الجهني حليف بني عوف بن الخزرج على الماء وتضاربا، فصرخ الجهني: يا معشر الأنصار، وصاح الغفاري: يا معشر المهاجرين، فاجتمع الفريقان، وكادوا يقتتلون، فذهب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ دعوها فإنها منتنة» ، وأزال ما بينهما من شحناء ونيّم الفتنة.

ولكن عبد الله بن أبيّ رأس النفاق أراد أن يوقظها، ويذكي لهبها، فقال وعنده رهط من قومه فيهم زيد بن أرقم-: أو قد فعلوها؟ قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما نحن وهم إلا كما قال الأول: (سمّن كلبك يأكلك) .

أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، ثم أقبل على الحاضرين

<<  <  ج: ص:  >  >>