للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخروج إلى خيبر]

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مطلع عام سبع في جيش تعداده ألف وستمائة، ومعهم مائتا فرس وقيل ثلاثمائة، وكلّ واثق بنصر الله، وذاكر قول الله سبحانه في سورة الفتح التي نزلت منصرفه من الحديبية:

سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا «١» .

وكان من شأن رسول الله أنه إذا غزا قوما لم يغر عليهم حتى يصبح، فإن سمع أذانا كف وإن لم يسمع أذانا أغار، فوصل إلى خيبر ليلا، فبات حتى أصبح لم يسمع أذانا، فركب وركب معه أصحابه، فاستقبلهم يهود خيبر بمساحيهم ومكاتلهم «٢» ، فلما رأوا رسول الله والجيش قالوا: محمد والجيش معه، فقال رسول الله: «الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» .

[ضخامة القوتين]

وقد كان يهود خيبر من أشدّ الطوائف اليهودية بأسا وأكثرها مالا، وأوفرها سلاحا، وكذلك كان المسلمون كثيرا عددهم، وافرا سلاحهم، ممتلئة قلوبهم بالإيمان، واثقة نفوسهم بنصر الله، مصمّمين على استئصال هذا الشر مهما كانت التضحية، فلا عجب إذا كانت قريش والجزيرة كلها وقفت تنتظر ما يسفر عنه التقاء هاتين القوتين، حتى حدث من البعض التراهن على أي الفريقين سيكون له الغلب؟.

ووقف المسلمون أمام حصون خيبر متأهبين للقتال، وهم كاملو العدة،


(١) سورة الفتح: الاية ١٥.
(٢) مساحيهم: جمع مسحاة وهي المجرفة وهي من حديد، المكاتل جمع مكتل- بكسر الميم- وهو الزنجيل وهو شيء يصنع من الخوص يحمل فيه التمر والتراب وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>