للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الأوصاف تنم عن الذكاء والفطنة وكبر العقل، والقوة والبطولة والهيبة والجلال، والرزانة والوقار، وقد أملاها عليهم واقع الحال، لا مجرد الحب والخيال.

ومن ثم نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحظى بالكمال الجسماني، وسمات البطولة الجسدية الحقة، ولو أنك اطلعت على ما يشترط اليوم من الصفات لتحقيق «كمال الأجسام» لوجدتها لا تزيد عما ذكر في صفات النبي الخلقية، وهذا أمر كان لازما، فإن نبينا بعث بخاتم الأديان والشرائع، لأمم الأرض كلها، وشرع الله له الجهاد في سبيل حماية العقيدة، ونشر هذا الدين، لابدّ أن يكون متهيئا غاية التهيؤ للجهاد، وأن يكون له من بسطة الجسم ما يهيّئه للجهاد والقيادة، والشجاعة والإقدام. وهكذا نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع الله سبحانه له البطولة الجسمانية، إلى البطولة النفسية.

[نظافة جسمه وطيب ريحه]

هذا إلى نظافة جسمه، وطيب ريحه وعرقه، ونزاهته عن الأقذار، والروائح الكريهة، وقد خصه الله بذلك، ثم تممها وزادها بنظافة الشرع، وخصال الفطرة، والمداومة على التطيب والتطهر، ومجانبة الأطعمة الكريهة الرائحة.

عن أنس رضي الله عنه قال: (ما شممت عنبرا قط، ولا مسكا، ولا شيئا أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مسست شيئا قط ديباجا، ولا حريرا ألين مسا من رسول الله صلى الله عليه وسلم) «١» . وعن جابر بن سمرة: (أنه صلى الله عليه وسلم مسح خده، قال: فوجدت ليده بردا وريحا كأنما أخرجها من جونة «٢» عطار) .

وكانت تلك رائحته سواء مس طيبا أولم يمس، وكان يصافح المصافح فيظل يومه يجد ريحها، ويضع يده على رأس الصبي فيعرف من بين الصبيان


(١) رواه مسلم وغيره.
(٢) الجؤنة: بضم الجيم وهمزة على الواو وبدونها: الوعاء الذي يضع فيه متاعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>