للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رجوع النبي لخديجة]

وبعد نزول هذه الايات الخمس في قصة مثيرة التقت فيها البشرية بالملائكية على غير عهد سابق رجع النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو يرتعد من شدة الخوف، حتى أتى السيدة خديجة فأخبرها بما جرى، وقال لها: «لقد خشيت على نفسي» فطمأنته وأكدت له أنه ما كان الله ليخزيه أبدا، وقالت له: «أبشر يا ابن عم، فو الذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة» «١» .

[إلى ورقة بن نوفل]

ثم انطلقت به خديجة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان ممن تنصّر في الجاهلية، وعنده علم بالتوراة والإنجيل، وكان ممن يعبد الله ويواحده، فقص عليه النبي قصته فبشره بالنبوة، وقال له: هذا هو الناموس «٢» الذي كان ينزل على موسى، وأخبره بما سيجده من قومه من عنت وأذى، وأنهم سيخرجونه من بلده مكة، وتمنى لو أدركته الرسالة لينصره نصرا مؤزرا، ولكن ورقة لم يلبث أن توفي بعد أن امن بالنبي وصدق به.

[قصة بدء الوحي كما رواها الشيخان]

وإليك ما رواه الشيخان: البخاري ومسلم في صحيحيهما «٣» بسندهما واللفظ للبخاري- عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:

«أول ما بدىء به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوحي الرؤيا الصالحة «٤» في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح «٥» ، ثم حبّب إليه الخلاء، وكان


(١) سيرة ابن هشام ج ١ ص ٢٣٨.
(٢) الناموس: رسول الخير، والمراد به جبريل- عليه السلام-.
(٣) رواه البخاري في باب كيف كان بدء الوحي.. وفي كتاب التفسير «سورة اقرأ» وفي كتاب التعبير، ورواه مسلم في باب بدء الوحي إلى رسول الله.
(٤) في رواية «الصادقة» وهي التي ليس فيها أضغاث أحلام، وهما بمعنى بالنسبة لأمور الاخرة، وأما في شؤون الدنيا فقد تكون صالحة وهو الأكثر، وقد تكون غير صالحة كرؤياه قبيل أحد.
(٥) فلق الصبح: ضياؤه.

<<  <  ج: ص:  >  >>