للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربطاه، ثم دخلا به مكة وفتناه، فافتتن، وكان دخولهما به مكة نهارا موثقا، فصارا يقولان: يا أهل مكة، هكذا فافعلوا بسفهائكم كما فعلنا بسفيهنا هذا.

[كتاب عمر لهشام]

وروى ابن إسحاق بسنده عن عمر قال: فكنّا نقول: ما الله بقابل ممن افتتن صرفا ولا عدلا ولا توبة، قوم عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم، وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم، فلما قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة أنزل الله تعالى فيهم، وفي قولنا، وقولهم لأنفسهم:

قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٥٥) «١» .

فكتبها عمر بيده في صحيفة وبعث بها إلى هشام بن العاص، قال هشام:

فلما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى «٢» أصعّد فيها وأصوّب، ولا أفهمها حتى قلت: اللهمّ فهّمنيها، قال: فألقى الله في قلبي أنها إنما أنزلت فينا، وفيما كنا نقول في أنفسنا، ويقال فينا، قال: فرجعت إلى بعيري فركبت عليه ثم لحقت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو بالمدينة.

هذا ما ذكره ابن إسحاق.

وقال ابن هشام: حدثني من أثق به أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال وهو بالمدينة:

«من لي بعيّاش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص؟» فقال الوليد بن الوليد «٣» بن المغيرة: أنا لك يا رسول الله بهما، فخرج إلى مكة فدخلها


(١) الايات ٥٣- ٥٥ من سورة الزمر.
(٢) بالقصر مكان بأسفل مكة.
(٣) أخو خالد أسلم قبله، وهاجر الهجرتين، وكان له قصة مع خالد في إسلامه ستأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>