للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بني مدلج إني أخاف سفيهكم ... سراقة مستغو لنصر محمد

عليكم به ألّا يفرّق جمعكم ... فيصبح شتى بعد عز وسؤدد

فقال سراقة يرد على أبي جهل:

أباحكم- والله- لو كنت شاهدا ... لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه

علمت ولم تشكك بأن محمدا ... رسول وبرهان فمن ذا يقاومه

عليك فكفّ القوم عنه فإنني ... أرى أمره يوما ستبدو معالمه

بأمر تود الناس فيه بأسرهم ... بأن جميع الناس طرّا مسالمه

[إسلام سراقة]

وتسير الأيام في صالح الدعوة الإسلامية بعد جهاد وكفاح وتضحية وصبر، ويدخل النبي صلّى الله عليه وسلّم مكة منتصرا، وتدول دولة الشرك والأصنام، ويقابل سراقة رسول الله مرجعه من حنين والطائف «بالجعرّانة» فيطلعه على الكتاب، فيقول له رسول الله: «اليوم يوم الوفاء والبر، ادن» قال: فدنوت منه وأسلمت.

[صدق النبوءة]

وتدور عجلة التاريخ مسرعة، ويأتي زمن الخليفة العبقري الملهم عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- فيفتح الله على المسلمين بلاد فارس ومنها المدائن، ويثلّ عرش كسرى، ويؤتى بالغنائم، وفيها سوارا كسرى، وتاجه، وبساطه، وجواهره الغالية التي قدّرت بألوف الألوف من الدراهم والدنانير، ويقف الفاروق متعجبا من أمانة الجند وقوادهم، فيقول: «إن قوما أدّوا هذا لذوو أمانة» !! فيقول له علي- رضي الله عنه-: «إنك عففت فعفّت الرعية» !! ويقسم عمر الغنائم بين المسلمين، ويتعفف عنها فلم ينله منها شيء.

ويتذكر عمر والمسلمون نبوءة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومقالته لسراقة، فأتى به، وألبسه سواري كسرى، وكان سراقة رجلا أزب «١» ، وقال له «قل: الله أكبر،


(١) أي كثير شعر الذراعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>