للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الواقدي: الثّبت عندنا المحفوظ عن أهل العلم أن أباها مات قبل حرب الفجار، وأن عمها عمرو بن أسد هو الذي زوجها لمزيد حفظ الثبت وهو الزّهري، خصوصا وقد رواه عن صحابي من السابقين «١» ، وكذلك ذكر الطبري- وهو من ثقات المؤرخين- أن عمها عمرا هو الذي أنكحها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأن خويلدا مات قبل الفجار «٢» ، ويرى ابن إسحاق أن أباها هو الذي زوجها وهو رأي ضعيف.

[بطلان بعض المرويات]

ومن ثمّ يتبين لنا تهافت ما روي أن أباها امتنع من تزويجها، وأنهم سقوه الخمر حتى ثمل فرضي، وأنهم ألبسوه المزعفر، فلما صحا من سكره أخبروه فأنكر عليهم ذلك، فما زالت به خديجة حتى رضي، وهي رواية باطلة مدسوسة لمخالفتها للنقل الصحيح على ما ذكرنا.

ثم هي مخالفة للواقع، وللظروف، والبيئة، فبنو هاشم في الذروة من قريش نسبا وشرفا، وقد صدع بها أبو طالب في مجمع حافل بالسادات فما نازعه فيها منازع، ثم إن مثل النبي في شبابه الغض، ورجولته النادرة، وخلقه الكامل ممّن تطّاول إلى مصاهرته أعناق الأشراف، وهذا أبو سفيان بن حرب وهو من هو في عداوته للنبي وبني هاشم، لما بلغه أن النبي تزوج السيدة أم حبيبة ابنته، ولم يكن أسلم بعد قال: «هذا الفحل لا يقدع أنفه» .

دسّ المستشرقين

ومن العجيب حقا أن رجلا مثل (درمنغم) لم يذكر في كتابه غير هذه الرواية المتهافتة، وقدّم لذلك بكلام يشعر أن النبي في منزلة دون منزلة خديجة، وأن عشيرته دون عشيرة بني مخزوم (كذا) ، وجعل النبي أجيرا لخديجة فلا يليق أن يكون زوجا، إلى اخر ما تخيل من تخيلات، وافترض من ترّهات «٣» ، مع أنه


(١) شرح المواهب، ج ١.
(٢) تاريخ الطبري، ج ١.
(٣) حياة محمد، لدر منغم، ص ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>