للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفد مزينة مع أنه قال إنه كان في رجب سنة خمس. وذكر البخاري في الوفود وفد عبد القيس مع أنه كانت وفادتهم سنة خمس أو قبلها، ولم يتعرض لوفادتهم الثانية وهي المرادة هنا. وكذلك ذكر ابن سعد وفد محارب مع أنه قال: إن قدومه كان سنة عشر في حجة الوداع؛ وقد نبه إلى هذا الحافظ المؤرخ ابن كثير في بدايته «١» ، والحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري «٢» ، وقد تابع بعض الكتاب المتأخرين في السيرة السابقين فيما ذكروا من غير تحرّ وتحقيق.

وقد رأيت أن أذكر أهم هذه الوفود لما في أخبارها من فقه وعلم، وخلق وأدب، وحسن سياسة النبي صلى الله عليه وسلم، وغاية كياسته في معاملة هذه الوفود، وإجاباته لهم ومحاوراته معهم.

[وفد بني تميم]

وكان السبب في قدومهم- كما ذكر الواقدي- أنهم أغاروا على قوم من خزاعة، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن الفزاري في خمسين رجلا ليس فيهم أنصاري ولا مهاجري، فأسر منهم أحد عشر رجلا، وإحدى عشرة امرأة، وثلاثين صبيا، فقدم رؤساؤهم وأشرافهم بسبب أسراهم في وفد عظيم منهم: عطارد بن حاجب بن زرارة، والأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم، وقيس بن عاصم، فدخلوا المسجد، وقد أذن بلال الظهر والناس ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج إليهم، فتعجل هؤلاء، فصاروا ينادون من وراء حجرات نساء النبي صلى الله عليه وسلم: اخرج يا محمد فإنّ مدحنا زين، وذمنا شين. وأكثروا من هذا النداء الجافي العاري عن الأدب في مخاطبة الرسول.

فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا وقال: «ذاك الله عز وجل» . فأنزل الله بسببهم هذا التأديب الإلهي، موبخا لهم على ما فعلوا فقال عز شأنه:


- الحافظ ابن حجر (الفتح، ج ١ ص ١٤٤) ، ويكون الحق مع ابن إسحاق في ذكره عام الوفود.
(١) ج ٥ ص ٤٠- ٦١.
(٢) ج ٨ ص ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>