مكث بنو هاشم وبنو المطّلب بالشّعب ثلاث سنين، حتى بلغ منهم الجهد مبلغه، فقيّض الله سبحانه وتعالى لنقض الصحيفة أناسا من أشراف قريش، وكان الفضل الأول في ذلك لهشام بن عمرو «١» ، فقد مشى إلى زهير بن أبي أمية المخزومي، وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب، فقال له: يا زهير، أقد رضيت أن تأكل الطعام، وتلبس الثياب. وتنكح النساء، وأخوالك حيث قد علمت؟! لا يبتاعون، ولا يبتاع منهم، ولا ينكحون ولا ينكح إليهم، أما إني أحلف بالله لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام، ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم ما أجابك إليه أبدا، قال: ويحك يا هشام، فماذا أصنع؟! إنما أنا رجل واحد، والله لو كان معي رجل اخر لقمت في نقضها، فقال له: قد وجدت رجلا، قال: من هو؟ قال: أنا، فقال له زهير: أبغنا ثالثا.
فذهب إلى المطعم بن عدي فقال له: يا مطعم، أقد رضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف، وأنت شاهد على ذلك، موافق لقريش فيهم؟ أما والله لو أمكنتموهم من هذه لتجدنّهم إليها منكم سراعا، قال: ويحك فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد، قال: قد وجدت لك ثانيا، قال: من؟ قال: أنا، قال: أبغنا ثالثا، قال: قد فعلت، قال: من؟ قال: زهير بن أبي أمية، فقال أبغنا رابعا، فذهب إلى أبي البختري بن هشام، فقال له نحو ما قال للمطعم بن عدي، فقال
(١) هو هشام بن عمرو بن الحارث، بن حبيب، بن نصر، بن مالك، بن حسل، بن عامر، بن لؤي، ابن أخي نضلة بن هاشم، لأمه، وكان هشام هذا لبني هاشم واصلا أثناء القطيعة.