للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا رسول الله، إنه كان رجل منا في رحالنا وهو غلام حدث، وأزرى به، ولكن رسول الله أعطاه مثل ما أعطى القوم.

ومما يستطرف ما رواه البيهقي أنهم لما قدموا سأل رسول الله عمرو بن الأهتم عن الزبرقان بن بدر فقال: مطاع في أدنيه، شديد العارضة «١» ، مانع لما وراء ظهره، فقال الزبرقان: لقد علم مني أكثر مما قال، وما منعه أن يتكلم إلا الحسد، فقال عمرو: أنا أحسدك؟ فو الله إنك للئيم الخال، حديث المال، أحمق الوالد، مضيّع في العشيرة، ولقد صدقت فيما قلت أولا، وما كذبت فيما قلت اخرا، ولكني رجل إذا رضيت قلت أحسن ما علمت، وإذا غضبت قلت أقبح ما وجدت، فقال رسول الله: «إن من البيان لسحرا» «٢» .

[وفد بني عبد القيس]

وكانت لهم وفادتان: الأولى قبل الفتح وهي التي قالوا فيها: بيننا وبينك كفار مضر (قريش) ، وكان ذلك قديما سنة خمس أو قبلها، وكانوا ثلاثة عشر رجلا وفيهم الأشج «٣» الذي قال له النبي: «إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم «٤» ، والأناة» ، وفيها سألوا عن الإيمان والأشربة، وعلى هذه اقتصر الإمام البخاري عن ابن عباس قال: أول جمعة جمعت- بعد جمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم- في مسجد عبد القيس بجواثى- قرية بالبحرين- وهذا يدل على تقدّم إسلامهم.

الثانية: كانت في سنة الوفود، وكانوا أربعين رجلا، وهي التي اقتصر عليها ابن إسحاق، وهي المرادة هنا. قال ابن إسحاق: وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الجارود بن عمرو في وفد عبد القيس، وكان نصرانيا، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليه الإسلام ورغّبه فيه، فقال: إني كنت على دين، وإني


(١) العارضة: القدرة على الكلام.
(٢) يعني كالسحر في قوة التأثير والاستيلاء على الألباب.
(٣) اسمه المنذر بن عائد بالذال المعجمة العصرى، وقيل غير ذلك.
(٤) العقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>