هي السيدة صفية بنت حييّ بن أخطب من ذرية هارون بن عمران، ومن سبط لاوي بن يعقوب، ولما أجلى النبي يهود بني النضير من المدينة ذهب عامتهم إلى خيبر، وفيهم أبوها حييّ سيد بني النضير وبنو أبي الحقيق، وكانت صفية حينئذ دون البلوغ، فلما بلغت تزوجها سلّام بن مشكم، ثم خلفه عليها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، وكان عنده كنز بني النضير، فجيء به إلى الرسول بعد هزيمة يهود خيبر، فسأله عن الكنز فجحده، فقال له النبي:
«أرأيت إن وجدناه عندك أأقتلك» ؟ قال: نعم، فأتى رسول الله رجل من اليهود فقال: يا رسول الله، إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة، فأمر الرسول بالخربة فحفرت، فأخرج منها بعض الكنز، ثم سأله عما بقي فأبى أن يؤديه، فدفعه رسول الله إلى محمد بن مسلمة، فضرب عنقه بأخيه محمود بن مسلمة الذي قتله اليهود في خيبر.
ولما فتح المسلمون القموص- حصن بني أبي الحقيق- كانت صفية في السبي، فأعطاها دحية الكلبي، فجاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قومها، وهي ما تصلح إلا لك، فاستحسن النبي ما أشار به الرجل، وقال لدحية:«خذ جارية من السبي غيرها» ثم أخذها رسول الله وأعتقها وجعل عتقها صداقها. وهكذا ردّ النبي إليها بصنيعه هذا اعتبارها، وحفظ لها شرفها وسيادتها.
وذكر ابن سعد عن الواقدي قال: لم يخرج النبي من خيبر حتى طهرت صفية من حيضها، فحملها وراءه، فلما صار إلى منزل على ستة أميال من خيبر