للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الواصلون لبني هاشم]

فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا حتى جاهدوا، وكان لا يصل إليهم شيء إلا سرا مستخفيا ممّن أراد صلتهم من قريش، وكان ممن يصلهم حكيم بن حزام ابن أخي السيدة خديجة رضي الله عنها، وهشام بن عمرو العامري وكان أوصلهم لبني هاشم، وذلك أنه ابن أخي نضلة بن هاشم بن عبد مناف لأمه، ولذلك كان هشام لبني هاشم واصلا، وكان ذا شرف في قومه، فكان يأتي بالبعير وبنو هاشم وبنو المطّلب في الشعب ليلا، قد أوقره طعاما، حتى إذا بلغ فم الشعب خلع خطامه من رأسه، ثم يضرب على جنبيه، ثم يأتي به قد أوقر برا فيفعل به مثل ذلك.

[بين حكيم وأبي جهل]

وفي ذات يوم كان حكيم بن حزام معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته السيدة خديجة رضي الله عنها، وهي عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه في الشعب، فقابله أبو جهل فتعلّق به، وقال له: أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟! فو الله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة، فاتفق مجيء أبي البختري بن هشام بن الحارث بن أسد فقال لأبي جهل: مالك وله؟!

فقال: يحمل الطعام إلى بني هاشم!! فقال له أبو البختري: طعام كان لعمته عنده بعثت إليه فيه، أفتمنعه أن يأتيها بطعامها؟! خلّ سبيل الرجل، فأبى أبو جهل حتى نال أحدهما من الاخر، فأخذ أبو البختري لحي «١» بعير فضربه به فشجّه، ووطئه وطئا شديدا، وحمزة بن عبد المطلب قريب يرى ذلك، وهم يكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، فيشمتوا بهم، ومع كل هذا فقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدعو قومه ليلا ونهارا، وسرا وجهرا، لا يتقي في ذلك أحدا من الناس.

[رجوع مهاجري الحبشة]

وقد كان لما أسلم عمر وأعزّ الله به الإسلام، وتمكن المسلمون من أداء


(١) اللحي بكسر اللام عظم الفك.

<<  <  ج: ص:  >  >>