للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فإن لم تفعل لنا هذا فخذ لنفسك، فسل ربك أن يبعث لنا ملكا يصدقك بما تقول، ويراجعنا عنك، وتسأله فيجعل لك جنانا وقصورا من ذهب وفضة، ويغنيك عما نراك تبتغي، فإنك تقوم في الأسواق، وتلتمس المعايش كما نلتمس، حتى نعرف فضل منزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم.

فقال لهم: «ما أنا بفاعل، وما أنا بالذي يسأل ربه هذا «١» ، وما بعثت إليكم بهذا، ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا، فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والاخرة، وإن تردوه علي أصبر حتى يحكم الله بيني وبينكم» !!

قالوا: فأسقط السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل «٢» ، فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل، فقال: «ذلك إلى الله إن شاء فعل بكم ذلك» .

فقالوا: يا محمد، أما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه، ونطلب منك ما نطلب، فيتقدّم إليك ويعلمك ما تراجعنا به، ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا، إذا لم نقبل منك ما جئتنا به؟ فقد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة»

يقال له: الرحمن، وإنا- والله- لا نؤمن بالرحمن أبدا، فقد أعذرنا إليك يا محمد، أما- والله- لا نتركك وما فعلت بنا حتى نهلكك، أو تهلكنا!!

وقال قائل منهم: نحن نعبد الملائكة وهي بنات الله، وقال اخر: لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا «٤» ، فيشهدون لك بصدق نبوتك.

[مقالة عبد الله بن أبي أمية المخزومي]

فلما قالوا ذلك قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنهم، وقام معه عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي- وهو ابن عمته: عاتكة بنت عبد المطلب- فقال: يا محمد،


(١) لأنه لا يسأل هذا إلا من جهل رسالته، وجهل سنن ربه، ورسول الله بريء منهما.
(٢) إشارة إلى قوله تعالى: إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ ... الاية ٩ من سورة سبأ.
(٣) يريدون مسيلمة الكذاب.
(٤) جميعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>