للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجة، والموقوف منها على الصحابة أو على التابعين إن صح سنده فهي من الإسرائيليات التي رويت عن أهل الكتاب الذين أسلموا بحسن نية، وحقيقتها أنها من دس اليهود، وحسدهم للعرب، أن يكون لجدهم الأعلى فضل.

وقد اغتر بهذه الروايات التي لا تثبت أمام النقد بعض العلماء: كابن جرير الطبري، والقاضي عياض، والسهيلي فذهبوا إلى أنه إسحاق.

وتحيّر بعضهم في تعارض الروايات، ولم يستطع أن يرجّح أو يصل إلى الحقيقة، فتوقف في الجزم برأي في هذا الموضوع كالإمام السيوطي، بل بعضهم ذهب إلى أن الذبح وقع مرتين: مرة بمكة لإسماعيل، ومرة بالشام لإسحاق.

والحق هو ما ذهب إليه جمهور الصحابة، والتابعين، والعلماء الراسخين، من أنه إسماعيل، وأن الروايات في أنه إسحاق دسيسة يهودية، واختلاق ممقوت، دعا إليه الحقد والحسد للعرب، فلا تلق لذلك بالا، وإن وجد في بعض كتب التفسير، والحديث، والسير، والحق أحق أن يتبع.

[ولادة إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام]

وبعد ميلاد إسماعيل ببضعة عشر عاما مرت ملائكة الرحمن بالخليل إبراهيم، وهم ذاهبون إلى تدمير قرى قوم لوط، فظنهم بشرا، وقرّب إليهم عجلا حنيذا «١» ، فلم يأكلوا، فنكرهم وتوجّس منهم خيفة، فطمأنوه، وأخبروه بشأنهم، وبشّروه وزوجه سارة بغلام عليم، وهو إسحاق، ومن بعد إسحاق بابنه يعقوب، فعجبت السيدة سارة وقالت كما حكاه الله تبارك وتعالى:

قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (٧٣) «٢» .


(١) مشويا على الحجارة المحمّاة بالنار.
(٢) الايتان ٧٢- ٧٣ من سورة هود.

<<  <  ج: ص:  >  >>