للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفوس للمال، فاقتضت حكمته أن يكون جزا يسيرا، وقد أشار الحق تبارك وتعالى إلى هذه الحكمة السامية، قال عز شأنه:

وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ. إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ. ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ «١» .

وقد رتّب الشارع الحكيم هذا الحق الذي يخرج بحسب المؤونة والتعب في المال وعدمها: فأقلها تعبا الركاز «٢» ، وفيه الخمس لعدم التعب فيه أو قلّته، ويليه الزرع والثمر، فإن سقي بماء المطر والسيح فيه العشر، وإن سقي بالالة أو الدالية أو الساقية ونحوها فنصف العشر، ويليه الماشية، وقد لوحظ فيها أنها يدخلها الأوقاص «٣» .

[مصارف الزكاة]

وقد تكفّلت ببيان هذه المصارف الاية الكريمة:

إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «٤» .

وقد أسقط الفاروق عمر مصرف المؤلفة قلوبهم بعد أن أعز الله الإسلام، ولم يعد في حاجة إلى تأليف، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء، ويرى بعض العلماء أن حقهم لم يسقط وأنه لا يزال باقيا إذا دعت الضرورة إليه.


(١) سورة محمد: الايات ٣٦- ٣٨.
(٢) الركاز: ما يوجد في بطن الأرض من مال أو معدن.
(٣) جمع وقص بفتح القاف وسكونها، ما بين الفريضتين من نصب الزكاة مما لا شيء فيه.
(٤) سورة التوبة: الاية ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>