للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تهتدوا، وإن أبا بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني اثنين إذ هما في الغار، فإنه أولى المسلمين بأموركم، فقوموا إليه فبايعوه) ، فقام الناس كلهم فبايعوه البيعة العامة «١» .

ونظر الصديق في وجوه القوم فلم ير الزبير، فدعا به فلما جاء قال له: ابن عمة رسول الله وحواريّه أردت أن تشق عصا المسلمين؟! فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله، فقام فبايعه. ثم نظر فلم يجد عليا فدعا به فجاء فقال له:

ابن عم رسول الله وختنه على ابنته أردت أن تشق عصا المسلمين؟ فقال:

لا تثريب يا خليفة رسول الله، فقام فبايعه.

وهذا هو الحق في مبايعة علي للصديق، وأنه بايع في اليوم الثاني، وأما ما يقال: إن بيعته كانت بعد ستة أشهر، فإنما كان تجديدا للبيعة وتوثيقا لها «٢» ، وهذا هو الظن بأبي الحسن والحسين، وفتى الإسلام علي رضي الله عنه.

[خطبة الصديق]

وخطب الصديق خطبة تعتبر من ايات الحكمة وفصل الخطاب، أوجز فيها أصول الحكم في الإسلام، قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:

(أيها الناس: فإني قد ولّيت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني؛ الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى اخذ الحق منه إن شاء الله. لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل. ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم البلاء. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله) .


(١) صحيح البخاري- كتاب الأحكام- باب الاستخلاف.
(٢) البداية والنهاية، ج ٥ ص ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>