وقد أنزل الله سبحانه في هذه الغزوة بضع عشرة اية من سورة الأحزاب، وإليك تفسيرها موجزا:
قال عزّ شأنه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: خطاب للمؤمنين الذين هم أهل العبرة والذكرى. اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ: وهي رجوع الأحزاب مدحورين مخذولين، ورجوعكم منصورين امنين. إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ قريش وغطفان وأتباعهما فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً عاصفة في ليلة مطيرة، فضرّست أجسامهم، واقتلعت خيامهم، وأطفأت نيرانهم، وكفأت قدورهم وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها هم الملائكة ألقوا في قلوبهم الرعب والخوف، فذهبت معنوياتهم ورجعوا وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً بتاء الخطاب أي من نصرة نبيكم، فيجازيكم أحسن الجزاء. وقرىء في السبع بالياء، أي من تأليبهم على نبيّه، وتحزبهم عليه، فهو وعيد لهم.
ثم صور سبحانه ما نزل بهم من بلاء وشدة لتعظم النعمة بأبلغ عبارة، فقال: إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ هم قريش وغطفان وأحلافهما وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ هم بنو قريظة لما نقضوا العهد وأرادوا أن يطعنوهم من ظهورهم «١»
(١) وقيل: «من فوقكم» بنو قريظة «ومن أسفل منكم» قريش وغطفان. وقيل من فوقكم عيينة بن حصن ومن معه، ومن أسفل منكم أبو سفيان ومن معه. والأول أولى، ويشهد له ما رواه الحاكم عن حذيفة قال: (لقد رأيتنا ليلة الأحزاب وأبو سفيان ومن معه من مكة من فوقنا، وقريظة أسفل منا نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا ليلة أشد ظلمة ولا ريحا منها، فجعل المنافقون يستأذنون ويقولون: إن بيوتنا عورة. فمرّ بي النبي-