للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن سعد من حديث جماعة منهم: عطاء بن أبي رباح، وابن عباس، أن امنة بنت وهب قالت: «لما فصل مني- تعني النبي- خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق والمغرب، ثم وقع على الأرض جاثيا على ركبتيه، معتمدا على يديه، ثم أخذ قبضة من التراب، فقبضها، ورفع رأسه إلى السماء» «١» .

وروى الإمام الجليل أحمد بن حنبل، والبزار، والطبراني، والحاكم، والبيهقي عن العرباض بن سارية السلمي- رضي الله عنه- أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إني عند الله لخاتم النبيين «٢» ، وإن ادم لمنجدل في طينته، وسأخبركم عن ذلك: أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت «٣» ، وكذلك أمهات النبيين يرين» «٤» ، وإن أمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام، وفي رواية ابن إسحاق: «أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام» .

[موضع ولادته]

وكانت ولادته صلّى الله عليه وسلّم في دار أبي طالب بشعب بني هاشم «٥» ، وكانت قابلته


(١) أما النور فنور النبوة والرسالة، وأما الجثي على ركبتيه فإشارة إلى شدة تواضعه لربه، وتواضعه للخلق، وأما الاعتماد على يديه فإشارة إلى أنه لن ينشأ مدللا كسلان كما هو شأن أبناء الملوك والأشراف، وإنما سيعتمد من صغره على الله ثم على نفسه، وأما أخذه قبضة من التراب فإشارة إلى أن الأرض منها البدء، وإليها الإعادة، ومنها الإخراج للبعث، وأنه سيغلب أهل الأرض، وأما رفع رأسه إلى السماء فإشارة إلى عظم توكله على ربه، وإلى ارتفاع شأنه وقدره، وسمو غايته وسؤدده، وأنه يسود الخلق أجمعين.
(٢) أي في علمه وتقديره الأزلي.
(٣) هذه الرؤية بصرية، وقد وردت بهذا المعنى في أفصح الكلام ومعجزه، وهي غير الرؤيا التي رأتها في مبدأ الحمل، فتلك كانت منامية (شرح المواهب، ج ١ ص ١٣٦) .
(٤) قال الحافظ ابن حجر: وصحّحه ابن حبان والحاكم.
(٥) وقد صارت هذه الدار إلى محمد بن يوسف الثقفي أخي الحجاج، ذلك أن عقيل بن أبي طالب باع دور من هاجر من بني هاشم، ومنها هذه الدار، وقد أدخلها محمد بن يوسف هذا في داره التي يقال لها: البيضاء، ولم تزل كذلك حتى حجت الخيزران أم الرشيد، فأفردت ذلك البيت وجعلته مسجدا، وقيل: إن التي بنته هي السيدة زبيدة

<<  <  ج: ص:  >  >>