وهكذا صدّق الله نبيه فيما قال، وأن النساء لا يدخلن في العهد الذي مضى، وأنهن يختبرن، فإن ظهر إيمانهن لا يرجعن إليهم أبدا.
[تفسير الايتين الواردتين في هذه الحادثة]
فَامْتَحِنُوهُنَّ: وكانت صيغة الامتحان كما روى ابن جرير عن ابن عباس: أن تقسم بالله ما خرجت من بغض زوج، وبالله ما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض، وبالله ما خرجت التماس دنيا، ولا عشقا لرجل، وبالله ما خرجت إلا حبا لله ولرسوله، فإذا قالت ذلك اكتفي به في إيمانها وحرم إرجاعها إلى المشركين، وذلك لأنّ المرأة لا يؤمن عليها الفتنة، أما الرجل فله في أرض الله الواسعة ملجأ كما صنع أبو جندل وأبو بصير وغيرهما. اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ: يعني يكفيكم هذا في اختبارهن فلكم الظاهر والله يتولى السرائر.
فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ: وهذه الاية هي التي حرمت النساء المسلمات على أزواجهن المشركين، فإن أسلم زوجها فهو أحق بها ما لم تتزوج غيره، وقد ردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته زينب لأبي العاص بن الربيع لمّا أسلم، بعد نزول هذه الاية، قيل: بالعقد الأول، وقيل بعقد ومهر جديدين. وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا:
أي أعطوا أزواج المهاجرات المسلمات من المشركين ما أنفقوا من مهور.
وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ: أيها المسلمون أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ:
أي مهورهن بشرط انقضاء عدتهن. وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ: جمع كافرة، والمراد المشركات لا الكتابيات، نهي المسلمون عن الاستمرار مع زوجاتهم المشركات بهذه الاية كما نهوا عن زواجهن ابتداء بقوله سبحانه: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ. ولما نزلت اية الممتحنة طلّق المسلمون أزواجهم المشركات، فقد كان لسيدنا عمر زوجتان بمكة فطلقهما، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، وتزوج الاخرى أبو جهم بن حذافة وهما على شركهما قبل أن يسلما.
وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ: يعني إذا لحقت امرأة منكم بالمشركين مرتدة