للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقوم به الدول المسيحية في العصر الحديث باسم قمع الثورات في بلاد يحكمونها على كره من أهلها، قصد استغلال خيراتها، وامتصاص دماء بنيها.

وما رأيهم فيما تقوم به الدول المتحضرة اليوم في الشرق والغرب، وما جرى في الحربين العالميتين الأولى والثانية من قتل الأسارى قتلا جماعيا والتنكيل بهم تنكيلا جاوز حدود الإنسانية؟ فلماذا أغمضوا عن هذا عيونهم، وأصموا اذانهم؟ وفتحوها لقتل أسيرين حفلت حياتهما بالمساوىء والجرائم تجاه النبي والمسلمين؟ فأين هذا مما صنعه المسلمون مع الأسارى في بدر من إحسان إليهم حسب وصاة نبيهم لهم، حتى كانوا يؤثرونهم على أنفسهم بالطعام والشراب؟!

إن ما جرى في بدر وفي غير بدر من المسلمين في مغازيهم وفتوحاتهم إنما هي رحمة وعدل من اثار هذا الدين، دين الرحمة والعدل، ولقد لهج بذلك رجل لا يمت إلى الإسلام بصلة، وهو المؤرخ الكبير (غوستاف لوبون) حيث قال:

(ما عرف التاريخ فاتحا أعدل ولا أرحم من العرب) «١» .

وإليكم أيها المستشرقون والمبشرون هذه الحكمة: (من كان بيته من زجاج فلا يرشق بيوت الناس بالحجارة) .

[فضائل أهل بدر]

لا تعجب وقد سمعت ما سمعت عن أهل بدر، وما قدّموه من التضحيات راضية بذلك نفوسهم، وما كان لهذه الغزوة من أثر بعيد في نشر الإسلام وظهوره على الأديان كلها- أن جعل الله سبحانه لأهل بدر من المنزلة والمكانة في الدنيا والاخرة ما ليس لغيرهم، حتى صار من الماثر والمفاخر أن يقال: فلان بدري.

روى البخاري في صحيحه عن حميد قال: سمعت أنس بن مالك رضي


(١) الوحي المحمدي، ص ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>