ولو علمنه لأذعنه بمقتضى طبائعهن البشرية، وهذا أمر معهود في النساء، ولا سيما الضرائر، ولكن لم يكن شيء من هذا، فكان ذلك من الأدلة على أنه نبي حقا!!
إن كثيرا من الزعماء، والساسة، ورجال الإصلاح يخالف ظواهرهم بواطنهم، وعلانيتهم سرهم، مما يسجل عليهم النفاق والخداع، ويعود عليهم بالنقص والمؤاخذة، ويبين الفرق الشاسع بين النبي وغير النبي. وبحسبنا هذا في الحكم العامة.
[الحكم الخاصة]
أما السيدة خديجة رضي الله عنها لأنها أول زوجة فهو زواج الفطرة، وكذلك السيدة سودة بنت زمعة لا يسأل عنها أيضا، ومع ذلك فقد كان في زواجه صلى الله عليه وسلم منها تكريم لها وللإسلام والعقيدة في شخصها، وشخص زوجها الذي مات عنها بعد رجوعهما من هجرة الحبشة الثانية، ولم يكن له عند تزوجها غيرها، لأن ذلك كان بعد موت السيدة خديجة، ولم تكن ذات جمال بل كانت ذات عيال، وقد أبدت للنبي إشفاقها عليه من زواجها بما يسببه له صبيتها من إقلاق راحة، فأبدى لها ترحيبا بأولادها.
أما زواجه بعائشة وحفصة فجاء توكيدا للعلاقة والإخاء بينه وبين وزيريه: أبي بكر وعمر، وليس أدل على هذا بالنسبة لحفصة أن أباها عمر دخل عليها وهي تبكي فقال لها: لعل رسول الله طلّقك، لقد طلقك مرة ثم راجعك من أجلي، والله لو طلقك مرة ثانية لا أكلمك أبدا.
وزواجه بالسيدة زينب بنت خزيمة التي كانت تلقب بأم المساكين لكثرة تصدقها عليهم وبرها بهم تكريم لهذا الخلق الكريم فيها، وتكريم للشهادة في شخص زوجها الذي توفي عنها.
وزواجه بالسيدة أم سلمة جبر لكسرها، وتعويض لها عن فقد عائلها الذي مات عنها بعد أحد بشهور، وعرفان لتضحياتها وتضحيات زوجها أبي سلمة في سبيل الله والإسلام، فقد هاجرا إلى الحبشة، وكانا أول مهاجرين