إلى المدينة، ومهما قيل في أم سلمة وأنها كانت ذات جمال في شبابها، فقد كان في كبر سنها، وما مرت به من أحداث جسام، وما أنجبت من أولاد، وما رزئت به من فقد الرجل الذي كانت تقول فيه: ومن خير من أبي سلمة؟ ما يذوي هذا الجمال، إن لم يذهب به.
وزواجه بالسيدة جويرية بنت الحارث سيد بني المصطلق كان لحكمة سامية جدا، فقد كان هذا سببا في أن منّ الصحابة على من في أيديهم من سبايا بني المصطلق، مما تسبب عنه إسلام أبيها وإسلام قومها، فكانت أيمن امرأة على قومها.
وزواجه بالسيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان حفظ لها من الضّيعة وهي في بلاد نائية عن بلاد قومها، فقد تنصّر زوجها عبيد الله بن جحش بالحبشة ومات بها، وثبتت هي على عقيدتها، فلم يكن أجمل مما فعله رسول الله معها، وقد عقد عليها النبي وهي بالحبشة، ولم يدخل بها إلا بعد خيبر عام سبع، فكيف يكون هذا من رجل صار همه في النساء وإشباع رغباته الجنسية منهن؟!!
وزواجه بالسيدة زينب بنت جحش كان لما ذكرته انفا من إبطال بعض عادات الجاهلية.
وأما زواجه صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي بن أخطب فقد كانت في سبي خيبر، فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بها اصطفاها لنفسه ضنا بكرامتها ومنزلتها في قومها، فأعتقها وتزوجها بعد ما انقضت عدتها، وأحسن إليها غاية الإحسان في عشرتها، وكثيرا ما كان ينتصر لها عند ما تبدر من بعض أزواجه بادرة في النيل منها، وهذه غاية الإنسانية والإحسان لامرأة طالما نال النبي والمسلمين من قومها شر كثير، ولم يألو جهدا في محاربة دعوة الإسلام.
وأما زواجه من السيّدة ميمونة بنت الحارث الهلالية فقد وثّق به ما بينه وبين قبيلة من أعلم قبائل العرب وأشرفها، وقد زوجها إياه عمه العباس وأصدقها عنه في عمرة القضاء، ودخل بها بعد أن حلّ، كما كان فيه تكريم لعمه العباس وزوجه أم الفضل، فقد كانت أختها. وقد عرضت فيما سبق لزواج النبي بأغلبهن بإفاضة وتوسع، وسأعرض فيما يأتي لمن بقيت منهن.