للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الحضرمي أن ينشد مقتل أخيه؛ فقام عامر مكتشفا وصرخ: واعمراه، واعمراه، فانتصر الشر على محاولات الخير، ولم يعد من الحرب مفر.

[مخاطرة من بعض المشركين]

وقبل أن تقوم الحرب خرج من صفوف المشركين الأسود بن عبد الأسد المخزومي وقال: (أعاهد الله لأشربنّ من حوضهم، أو لأهدمنّه، أو لأموتنّ دونه) ، وتقدم نحو الحوض فعاجله أسد الله حمزة بضربة قطع بها نصف ساقه، فوقع على الأرض وصار يزحف نحو الحوض إبرارا لقسمه حتى اقتحمه، فثنّى عليه سيدنا حمزة بضربة أخرى قضت عليه، وحينئذ ثار الدم في العروق، وأهاج منظر الدم النفوس، وأوشكت رحى الحرب أن تدور، ووقف رسول الله بين أصحابه ينفخ فيهم من روحه، ويشحذ عزائمهم بصدق إيمانه وسحر بيانه، فكان مما قال: «وإن الصبر في مواطن البأس مما يفرّج الله به الهم، وينجّي به من الغم» .

[ابتداء الحرب بالمبارزة]

وابتدأت الحرب بالمبارزة، فخرج عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة وابنه الوليد، وطلبوا المبارزة، فخرج إليهم فتية ثلاثة من الأنصار، فقالوا من أنتم؟

قالوا: رهط من الأنصار «١» ، فقالوا: أكفاء كرام، ولكن أخرجوا إلينا أكفاءنا من بني عمنا. وذكر بعض محقّقي كتّاب السيرة «٢» أن النفر من الأنصار لما خرجوا كره رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، لأنه أول موقف واجه فيه الرسول أعداءه، فأحب أن يكون أولئك من أهله وذوي قرباه، فأمر الأنصار بالرجوع وقال: «قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا علي» »

، فبارز عبيدة- وكان أسنّ


(١) هم: عوف ومعوذ ابنا الحارث، وعبد الله بن رواحة الأنصاريون.
(٢) البداية والنهاية، ج ٣ ص ٢٧٣.
(٣) عبيدة هو ابن الحارث، بن المطّلب، بن عبد مناف، وقد أخطأ قلم بعض كتّاب السيرة فظن أنه عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب مثل المرحوم الشيخ الخضري في «نور اليقين» ، وعلى هذا فيكون المتبارزون اثنين من بني هاشم وواحدا من أبناء عمومتهم، وبنو هاشم والمطلب سواء في الجاهلية والإسلام كما قال الرسول الكريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>