للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنحى باللائمة في مقدمة كتابه على المتعصبين والمتغالين في نقد النبي، حتى كانت كتبهم عامل هدم، على الخصوص وأنه سلك مسلكا وسطا بين المتقدمين، ومغالاة بعض المستشرقين المغالين في النقد، وأنه سيعول في كتابه على المصادر القديمة والنقد الحديث «١» ، وقد وقع فيما اخذ غيره عليه، وهل من التعويل على المصادر القديمة ذكر الضعيف المتهافت، وترك الصحيح؟! وهل من النقد الحديث تجاهل البيئة والظروف والأعراف التي كانت سائدة وتجاهل الواقع الملموس؟ الحق أن المستشرقين مهما ادّعوا الأنصاف فكتاباتهم تنقض ما يدّعون.

[خطبة أبي طالب]

قال: «الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وضئضىء معدّ، وعنصر مضر «٢» ، وجعلنا حضنة بيته «٣» ، وسوّاس حرمه «٤» ، وجعل لنا بيتا محجوجا، وحرما امنا، وجعلنا الحكّام على الناس، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل من قريش شرفا ونبلا وفضلا إلّا رجح به، وهو وإن كان في المال قل «٥» ، فإن المال ظل زائل «٦» ، وأمر حائل «٧» ، وعارية «٨» مسترجعة، ومحمد من عرفتم قرابته، وهو- والله- بعد هذا له نبأ «٩» عظيم، وخطر جليل جسيم «١٠» ، وله في خديجة بنت خويلد رغبة،


(١) المرجع السابق، ص ٨.
(٢) ضئضىء: أصل، وكذلك معنى عنصر. وغاير للتفنن والإضافة بيانية أي أصل هو معد، ومضر، وخصهما لشرفهما وشهرتهما، وقيل: الضئضىء: المعدن.
(٣) المنافحين عنه.
(٤) القائمين على شؤونه.
(٥) بضم القاف أي قلة.
(٦) سريع الزوال.
(٧) لا بقاء له.
(٨) عند هذا يوما، وعند الاخر يوما اخر.
(٩) نبأ: خبر، وهي النبوة.
(١٠) أثر جليل كبير، وهذا ما كان فقد كون أمة مثالية، وصنع التاريخ من جديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>