للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو سفيان: ما لأحد بهؤلاء من قبل ولا طاقة، والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما!! فقال العباس: يا أبا سفيان إنها النبوة!! قال:

نعم إذا.

وبلّغ أبو سفيان الرسول مقالة سعد بن عبادة فقال: «كذب- أي أخطأ- سعد، ولكن هذا يوم يعظّم الله فيه الكعبة، ويوم تكسى فيه الكعبة» «١» ، وأمر بالراية أن تؤخذ من سعد وتعطى لابنه قيس، وقيل أعطاها لعلي بن أبي طالب، وقيل للزبير، والذي نرجّحه الأول وهو ما يتّفق وما عرف عن الرسول من حكمة وبعد نظر، إذ لم يرد أن يغضب أبا سفيان وصحبه بإبقاء الراية مع سعد، وقد يطغى سيفه فيسرف في القتل، فأخذها من سعد تأديبا له وزجرا عما قال، وفي الوقت نفسه لم يغضب سعدا لأنه أخذها منه وأعطاها لابنه، وأي إنسان لا يود لابنه من الفخار والمنزلة ما يود لنفسه بل وأكثر!

[رجوع أبي سفيان إلى مكة]

ثم رجع أبو سفيان مسرعا حتى إذا وصلها نادى بأعلا صوته: يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به!! فمن دخل دار أبي سفيان فهو امن، فقالوا وما تغني دارك؟ فقال: ومن أغلق عليه بابه فهو امن، ومن دخل المسجد فهو امن، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد، إلا من غلبت عليه الحمية وصمم على القتال.

دخول مكّة

وسار الجيش الإسلامي حتى وصل (ذا طوى) ، وفي هذا المكان رأى الرسول الحكيم والقائد المحنك أن يفرّق الجيش فرقا، وأوصاهم أن يكفوا أيديهم، ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم، وأمر خالد بن الوليد أن يدخل من أسفلها من كدى، وأمر الزبير بن العوام أن يدخل في فرقته من شمالها، وقيس بن سعد بن عبادة الأنصاري من جانبها الغربي.


(١) هذا ما ذكر في صحيح البخاري، وذكر ابن إسحاق أن ذلك عند الدخول، والذي نرجحه ما في الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>