للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عالم في فرد]

هذه صور موجزة تحدد- إلى جانب ما درسنا من سيرة تحليلية- بعض معالم الشخصية المحمدية، ولا أقول كل المعالم، فإن ذلك مما لا يدركه جنان، ولا يستطيعه بيان، فهو صلى الله عليه وسلم كالوجود، وستنتهي هذه الحياة ولا يزال ثمّ أشياء من أسرار هذا الوجود، لا يحوم حولها عقل إنسان، ولا يفصح عنها لسان. وصدق القائل:

وعلى تفنّن واصفيه بحسنه ... يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف

ومن البدهي أن في الخلق صفوة، وصفوة هؤلاء الصفوة أنبياء الله ورسله، وفي الذروة منهم أولو العزم من الرسل، وذروة الذرى هو نبينا محمد خلاصة البشر وسلالة ولد ادم، وقد يوجد الكثير من هذه الصفات والاداب أو بعضها عند الصفوة من نبي، أو رسول، أو صدّيق، ولكن لم نعلم أحدا جمع الله له كل ما ذكرنا من الفضائل والخصائص مثل ما عرفنا ذلك لنبينا محمد، وهو بهذا المعنى نسيج واحده، وفريد في البشرية كلها، ولا غرو فقد كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعث هو إلى الناس عامة، فكان من الطبعيّ أن يجمع الله له ما تفرق من خلق المصطفين الأخيار.

وقصارى القول وحماداه أنه صلى الله عليه وسلم كان «عالما» في فرد، أو إن شئت فقل:

«فردا» في عالم، بنفسي وأهلي وولدي، وأبي وأمي، هو صلى الله عليه وسلم.

وبعد فهذا هو سيدنا محمد رسول الله صاحب أطهر سيرة عرفتها الدنيا، وناشر اخر رسالة اتسمت بالعموم والخلود، ومربّي أفضل جيل في تاريخ البشرية، ومنشىء خير أمة أخرجت للناس، ومحقق أول دولة في تاريخ الإسلام.

وكان الفراغ من تأليف هذه السيرة العطرة في ليلة الجمعة المباركة، لخمس خلون من صفر لعام ١٣٨٦ هـ، قربى إلى الله ورسوله.

والحمد لله في النهاية كما حمدناه في البداية، وصلى الله تبارك وتعالى وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحابته، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

انتهى الجزء الثاني، وبه ينتهي الكتاب والحمد لله أولا واخرا

<<  <  ج: ص:  >  >>