للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خروجهن، فخرجت مع زوجها تؤلب وتحث على القتال، وكذلك خرجت زوجات عكرمة بن أبي جهل، وعمرو بن العاص، وصفوان بن أمية وغيرهن، وسار هذا الجيش قاصدا المدينة ومعهم ثلاثة الاف بعير، ومائتا فرس ومن بينهم ستمائة دارع.

وكان في الجيش عبد حبشي يقال له: «وحشي» وهو غلام لجبير بن مطعم، فقال له جبير: إن قتلت حمزة عم محمد بعمي طعيمة بن عدي- وكان قتل يوم بدر مشركا- فأنت حر، وكانت هند تحرضه هي الاخرى على قتل سيدنا حمزة بن عبد المطلب الذي فجعها بقتل الأحبة من أهلها في بدر، فكانت كلما مرت أو مرّ بها تقول له: ويها أبا دسمة، اشف، واستشف «١»

وسار الجيش حتى وصل إلى الأبواء حيث قبر السيدة امنة بنت وهب أم النبي، ففكر بعض سوقتهم في نبش قبرها، ولكن زعماءهم أبوا ذلك حتى لا تكون سنة سيئة في العرب، وقالوا: لا تذكروا من هذا شيئا فلو فعلنا نبشت بنو بكر وبنو خزاعة موتانا. وتابعت قريش سيرها حتى نزلت عند بعض السفوح من جبل أحد على خمسة أميال من المدينة.

[وصول الخبر إلى الرسول]

وكان العباس بن عبد المطلب يعلم ما صنعت قريش من تأليب القبائل، وجمع الجموع، وعزمها على مهاجمة المدينة، فكتب كتابا إلى ابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم يخبره فيه بما جرى، وأعطاه لرجل من بني غفار، فأوصله الرجل إلى النبي، فقرأه عليه أبي بن كعب، فاستكتمه الرسول ما فيه، وأخبر بعض أصحابه واستكتمهم الخبر أيضا.

ثم أرسل النبي أنسا ومؤنسا ابني فضالة يتسنّطان أخبار قريش، فألفياها قد قاربت المدينة، وأرسلت خيلها وإبلها ترعى زروع يثرب المحيطة بها، وأرسل بعدهما الحباب بن المنذر مستطلعا، فجاءت الرسل تؤكد ما أخبر به العباس، وأن جيش قريش بمشارف المدينة، ولم يعد الأمر سرا، فقد توالت الأخبار بوصول قريش وعسكرتها بالقرب من أحد، وأخذ المسلمون الحيطة للرسول


(١) ويها: كلمة إغراء وتحريض. أبو دسمة: كنية وحشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>