للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عمارة ابن الزبير]

وقد استمرت الكعبة على هذا حتى كان عهد عبد الله بن الزبير، وحوصر من قبل يزيد بن معاوية، وأصيبت الكعبة بسبب الرمي بالمنجنيق، فهدمها ابن الزبير في مدة خلافته، وبناها على قواعد إبراهيم، وجعل ارتفاعها على ما هي عليه الان وهو سبع وعشرون ذراعا، وأدخل الحجر في البيت، وجعل لها بابا غربيا.

[إعادة الحجاج لها على ما كانت في عهد قريش]

فلما قتل عبد الله بن الزبير، واستتب الأمر لبني أمية، وكان عهد عبد الملك بن مروان، شاور الحجاج عبد الملك في نقض ما فعله ابن الزبير، فكتب إليه: أمّا ما زاده في طولها «١» فأبقه، وأما ما زاده في الحجر فردّه إلى بنائه «٢» ، وسدّ بابه الذي فتحه، ففعل ذلك، رواه مسلم في صحيحه عن عطاء. وذكر الفاكهي أن عبد الملك ندم على إذنه للحجّاج في هدمها، ولعن الحجّاج، وفي صحيح مسلم نحوه من وجه اخر وبذلك أعاد الحجاج الكعبة إلى ما كانت عليه في عهد قريش والنبي، واستمر إلى وقتنا هذا.

[محاولة لبني العباس]

وقد أراد الرشيد أو أبوه أن يعيد البيت على ما كان عليه في عهد ابن الزبير، فناشده الإمام مالك أن يكف عن ذلك، وقال له: أخشى أن يصير البيت ملعبة للملوك، ولم يحدث تغيير شيء مما كان في عهد عبد الملك بن مروان إلا في الميزاب «٣» ، والباب، وعتبته، وكذلك وقع الترميم في الجدران والسقف، وسلم السطح غير مرة، وجدد فيها الرخام، وقد قيل: إن أول من فرشها بالرخام الوليد بن عبد الملك، وسيبقى البيت محفوظا بعناية الله إلى ما شاء الله.


(١) يعني ارتفاعها.
(٢) يعني الأول قبل الزيادة.
(٣) الميزاب: ما ينزل منه ماء المطر من على ظهر الكعبة، وهو يصب في الحجر، وميزاب الكعبة من الذهب، وهو يزن قرابة قنطار.

<<  <  ج: ص:  >  >>