للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأهل، ودور بدور، وأيضا فلم تعد مكة بوقوفها في سبيل الإسلام والمسلمين صالحة لأن تكون مركزا لانتشار الدعوة الإسلامية، وأصبحت المدينة بفتح صدرها للإسلام والمسلمين جديرة بأن تكون مركزا لانتشار هذه الدعوة، فكان من الضروري أن تنتقل الدعوة من مكة إلى المدينة وهذا ما كان.

[إذن النبي لأصحابه في الهجرة]

وكان الصحابة يشتكون إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ما يجدونه من المشركين من الأذى والعنت، فيثبتهم، ويصبرهم، ويعدهم فرجا ومخرجا من هذا الكرب.

وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم قد رأى فيما يرى النائم أنه هاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب ظنه إلى أنها اليمامة، أو هجر «١» ، ثم استبان له صلّى الله عليه وسلّم أنها المدينة، ففي صحيح البخاري عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين «٢» » وهما الحرتان «٣» .

فخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم إليهم بعد هذه الرؤية مسرورا وقال: «قد أريت دار هجرتكم وهي يثرب، فمن أراد أن يخرج فليخرج إليها» وقال: «إن الله عز وجل قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها» وقد صادف هذا الإذن بالهجرة إلى المدينة هوى في نفوسهم، فخرجوا إليها أرسالا «٤» وفرادى، منهم من خرج مستعلنا كالفاروق عمر- رضي الله عنه- ومن صحبه، وأبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، ومنهم من خرج مستخفيا وهم الضعفاء والموالي كصهيب الرومي، ورجع الكثيرون ممن هاجر إلى الحبشة إلى مكة، ثم هاجروا منها إلى المدينة.


(١) اليمامة: بلد بنجد بالجزيرة، هجر: بلد بالبحرين، وهي من بلاد عبد القيس، وقد سبقوا غيرهم من القرى إلى الإسلام.
(٢) اللابة، والحرة: أرض ذات حجارة سود نخرة، والمدينة بين حرتين.
(٣) صحيح البخاري- باب هجرة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه إلى المدينة.
(٤) جمع رسل- بفتح الراء والسين- أفواجا وجماعات.

<<  <  ج: ص:  >  >>