ولكنه لجأ إلى حيلة، فقد مرّ به ركب بني عبد القيس يقصدون المدينة، فعرض عليهم أن يبلّغوا النبي وأصحابه أن قريشا قد أجمعت السير إليهم، ووعدهم أن يوقر لهم إبلهم زبيبا إذا وافوا عكاظ في الموسم، فمرّ الركب برسول الله وهو بحمراء الأسد، فأخبروه بما قال أبو سفيان، فقال:«حسبنا الله ونعم الوكيل» .
وأقام المسلمون بحمراء الأسد ثلاثة أيام، وفي يوم الأربعاء عادوا إلى المدينة وقد استردوا الكثير من هيبتهم؛ بعد أن كادت تتزعزع بسبب أحد. وقد ذكر الله هذا الموقف المشرف في قوله سبحانه:
كان عبد الله بن أبيّ ابن سلول له مقام بقومه كل جمعة لا ينكر لشرفه في قومه، فكان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ليخطب الناس قام فقال:
«أيها الناس: هذا رسول الله بين أظهركم، أكرمكم الله وأعزكم به، فانصروه وعزّروه، واسمعوا له وأطيعوا» ثم يجلس، حتى إذا صنع يوم أحد ما صنع، ورجع الناس قام يفعل ذلك كما كان يفعله، فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه وقالوا: اجلس أي عدو الله لست لذلك بأهل، وقد صنعت ما صنعت!!.
(١) سورة ال عمران: الايات ١٧٢- ١٧٤. والمراد بالناس أولا: وفد عبد القيس، والمراد بالثاني: أبو سفيان وأصحابه. حَسْبُنَا: كافينا. الْوَكِيلُ: متولي أمورنا وناصرنا. فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ: عافية وقوة. وَفَضْلٍ: أجر عظيم. وقيل هي تجارة أصابوها فربحوا فيها. لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ: أذى من أعدائه. وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ: بطاعتهم لرسول الله على ما بهم من جراح والام.