للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خروج الصديق مهاجرا إلى الحبشة]

وكان ممن ابتلي في الله، وأوذي لمنافحته عن الرسول وعن الدعوة الصدّيق أبو بكر- رضي الله عنه- وقد بدا له أن يهاجر إلى الحبشة ليلحق بإخوانه، ولكن أحد أشراف العرب أجاره وأرجعه. روى الإمام البخاري في صحيحه بسنده عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: «لم أعقل أبويّ إلا وهما يدينان الدين- أي الإسلام- ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو الحبشة، حتى بلغ برك الغماد «١» ، لقيه ابن الدغنّة «٢» وهو سيد القارة «٣» ، فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض، وأعبد ربي، قال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج، ولا يخرج، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق «٤» ، فأنا لك جار ارجع فاعبد ربك ببلدك.


(١) بفتح الباء وسكون الراء، بعدها كاف، والغماد بكسر الغين وقد تضم وبتخفيف الميم: موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن.
(٢) بضم الدال والغين، وتشديد النون المفتوحة عند أهل اللغة، وعند المحدثين بفتح الدال وكسر الغين وتخفيف النون، وقد روي بالوجهين.
(٣) بفتح القاف وتخفيف الراء قبيلة كبيرة من بني الهون- بضم الهاء- ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر كانت تشتهر بالرمي.
(٤) قد مضى شرح هذه الفقرات في حديث بدء الوحي، ولكن الذي يستحق النظر أن هذه الأوصاف هي التي وصفت بها السيدة خديجة رسول الله، مما يدل على ائتلاف الروحين، وتوافق المزاجين، والخالقين، عند الصادق والصدّيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>