للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[غزوة بدر الاخرة]

في شعبان من نفس العام خرج الرسول وأصحابه إلى بدر لميعاد أبي سفيان، واستعمل على المدينة عبد الله بن عبد الله بن أبيّ، وسار في ألف وخمسمائة من أصحابه. وكانت بدر محل سوق تعقد كل عام للتجارة في شعبان، يقيم فيها التجار ثمانية أيام يتبادلون فيها التجارة، فلما وصلوا إليها أقاموا بها ثمانيا في انتظار أبي سفيان.

وخرج أبو سفيان في أهل مكة حتى بلغ عسفان، وقيل مجنّة، ثم ألقي الرعب في قلبه، فبدا له أن يرجع فقال: يا معشر قريش إن هذا العام عام جدب، ولا يصلحكم إلا عام خصب، ترعون فيه الشجر، وتشربون فيه اللبن، وإني راجع فارجعوا، فرجعوا فسمّاهم أهل مكة جيش السويق «١» ، يريدون أنهم خرجوا لشرب السويق لا للحرب.

وكان أبو سفيان قد لجأ إلى حيلة يقصد بها إرهاب المسلمين حتى لا يخرجون إلى بدر، فيكون خلف الوعد من جانب المسلمين لا من جانبه، فاتفق مع نعيم بن مسعود الأشجعي وجعل له جعلا على أن يذهب إلى المدينة فيرجف فيها بعظم جيش أبي سفيان وعدّته، فذهب نعيم وقال للنبي وأصحابه: إن قريشا قد جمعت لكم الجموع. ولكنهم لم يلتفتوا إلى مقالته، وخرجوا وهم يقولون: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.


(١) السويق: شراب يصنع من القمح أو الشعير.

<<  <  ج: ص:  >  >>