للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانوا يغلّبون الخوف على الرجاء، وقد كان الصدّيق على منزلته يشمّ من فيه رائحة الكبد المشوي من شدة الخوف من الله، وكان الفاروق عمر على زهده وعدله يقول: ليت أمي لم تلدني، وكان أبو الحسن علي يقوم في محرابه بالليل فيبكي بكاء الثكلى، ويتململ تململ السليم- اللديغ- من خوفه وخشيته لله، إلى غير ذلك من المثل الكثيرة التي زخرت بها سير الصحابة الكرام.

وروى مسلم في صحيحه بسنده عن جابر: أن عبدا لحاطب جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبا ويقول: ليدخلنّ حاطب النار، فقال رسول الله:

«كذبت لا يدخلها، إنه شهد بدرا والحديبية» . وروى البخاري في صحيحه أن جبريل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: «من أفضل المسلمين» أو كلمة نحوها، قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة «١» .

وقد عرف الخلفاء الراشدون لأهل بدر منزلتهم وقدمهم في الإسلام دينا ودنيا، فقد جعل سيدنا عمر عطاء أهل بدر لكل واحد خمسة الاف «٢» ، وقال:

لأفضلنّهم على من بعدهم، وكذلك عرف لهم العلماء منزلتهم لما تكلموا في فضل الصحابة وجعلهم طبقات، حتى إن بعضهم جعل الطبقة الأولى أهل بدر، وهذا عرفان منهم بالفضل لذويه «٣» .

[نتائج غزوة بدر]

١- كانت من نتائج غزوة بدر أن قويت شوكة المسلمين، وأصبحوا مرهوبين في المدينة وما جاورها، وأضحى من يريد أن يغزو المدينة، أو ينال من المسلمين يفكر ويفكر قبل أن يقدم على فعلته، وإلا نزل به ما نزل بقريش على عددها وعدتها.


(١) البداية والنهاية، ج ٣ ص ٣٢٨.
(٢) الباعث الحثيث إلى علوم الحديث، ص ٣٣٣.
(٣) صحيح البخاري- كتاب المغازي- باب فضل من شهد بدرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>