للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[غزوة غطفان أو ذي أمر]

وفي شهر ربيع الأول تجمع بنو ثعلبة ومحارب- هما حيان من غطفان- وعلى رأسهم رئيس لهم يسمى «دعثور» يريدون الغارة على المدينة، فخرج إليهم النبي في أربعمائة وخمسين من أصحابه بعد أن خلّف على المدينة عثمان بن عفان، فلما سمعت الأعراب بمسيره رعبوا وفروا.

وسار المسلمون حتى وصلوا ماء لهم يسمى (ذا أمر) فعسكروا به، وأمطرت السماء مطرا غزيرا، فابتلت ثياب رسول الله، فذهب إلى شجرة هناك بمنأى عن المعسكر ونشر عليها ثيابه، وشغل المسلمون بشؤونهم. ورأى المشركون أن ينالوا من النبي على غرة، فأرسلوا رجلا منهم شجاعا يقال له دعثور هذا ويقال غورث بن الحارث- لقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فما شعر به النبي إلا وهو قائم على رأسه بالسيف مشهورا، فقال: من يمنعك مني يا محمد؟ فقال النبي:

«الله» !! فرعب الرجل، وسقط السيف من يده، فتناوله الرسول، ورفعه، وقال له: «من يمنعك مني» ؟، فقال الرجل: لا أحد، فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فما كان من الرجل إلا أن أسلم وتعهد ألايكثر على النبي جمعا، وعاد إلى قومه، فأخبرهم الخبر، ودعاهم إلى الإسلام.

وهكذا شاء الله سبحانه أن يخرج قاصدا قتل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا به يعود مؤمنا به ومحبا له!! وصار يجمع قومه للرسول، بعد أن كان يجمعهم عليه، وقد قيل:

إنه نزل «١» في هذا قوله سبحانه:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ «٢» .


(١) تفسير الألوسي ج ٦ ص ٧٦.
(٢) سورة المائدة: الاية ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>