للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير الإسراء والمعراج بهذا يلزم منه إنكار النصوص أو تحريفها]

ثم إن تفسير الإسراء والمعراج بهذه الفكرة، وتصويرهما هذا التصوير الذي ارتضاه «هيكل» يقتضي إنكارها على حسب ما جاء به القران القطعي، والسنة الصحيحة المشهورة، فليس ثمة إسراء حقيقة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بذات النبي صلّى الله عليه وسلّم، وليس هناك عروج بالنبي من بيت المقدس إلى السماوات السبع وما فوقهن، ولا صلاة بالأنبياء، ولا لقاء ولا تسليم، ولا تكليم الله لنبيه، وإنما كل ذلك تمثيل وتقريب.

وما الداعي إلى ذلك ما دام الكون كله قد اجتمع في روح النبي كما قال صاحب الرأي: فالمسجد الحرام في روحه، والأقصى في روحه، والسماوات وما فيهن في روحه، ووجودها في وجوده!!

[إغراب وتشويش]

ثم ما الداعي إلى كل هذا التكلّف والإغراب من الدكتور هيكل في فهم نصوص صريحة جاءت بلسان عربي مبين؟! وما الذي حدا به إلى أن «يشطح» هذه «الشطحات» التي لا داعي إليها.

إن الإسراء والمعراج كما جاء بهما القران والأحاديث الصحاح أقرب منالا، وأشد استساغة لعقول الناس مما ذهب هو إليه، ولو جلست زمانا لتفهم رجلا أميا أو متعلما، بالإسراء والمعراج على ما رأى الدكتور ما أنت بمستطيع إفهامه هذه الألغاز والطلاسم التي حاول بها إحداث رأي جديد لا يدري أسبق إليه أم لا!

وهل تصوير الإسراء والمعراج بهذا التصوير إلا إشكال على عقول الكثرة من الناس، ومخاطبة لهم بما لا تبلغه عقولهم ومداركهم، وقد أمرنا أن نحدّث الناس بما يعقلون وأن ندع ما ينكرون، وفي الحكم الذهبية عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-: «ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم» «١» .


(١) رواه مسلم في مقدمة صحيحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>