للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقل) ، وقد خطب عمر بهذا وهو بمحضر من كبار الصحابة فلم ينكر عليه أحد، وإلى هذا ذهب جماهير العلماء سلفا وخلفا، وقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل مسكر خمر وكل مسكر حرام» ، وفي رواية: «كل مسكر خمر وكل خمر حرام» .

والخمر بجميع أنواعها حرام قليلها وكثيرها سواء، ويحد شاربها وإن لم يسكر، روى أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام» ، وكل ما أسكر فهو خمر سواء أكان من العنب، أو التمر، أو الزبيب، أو البصل، أو الشعير، أو الذرة، والعبرة ليست بالأسماء، وإنما العبرة بالإسكار، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الذين يتحايلون على الشرع ويسمون الخمر بغير اسمها فقال: «ليشربنّ أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها» «١» .

[حكمة تحريم الخمر]

والخمر مضرة بالصحة «٢» ، مذهبة للأموال، مفسدة لما بين الناس من أواصر المحبة والأخوة، مغواة للشيطان، صارفة عن ذكر الله وعن الصلاة، سالبة للعقل الذي هو أشرف ما وهب الله الإنسان، معرّضة شاربها للعربدة والتعدّي على الدماء والأعراض، فهي أم الخبائث، فلا تعجب إذا كان الإسلام حرّمها فيما حرم على المسلمين، ليكون المجتمع الإسلامي على خير ما يكون دينا وخلقا، وأمنا وسلاما.

وقد يقول قائل: إن القران الكريم قرر في اية البقرة أنها لم تخل من منافع، فكيف جعلتها سببا لكل هذه الماثم؟ وأقول لمن يزعم ذلك: إن المراد بالمنافع في الاية الدنيوية وهي ما يتخيله شاربها بعد شربها من النشوة وإدخال


(١) رواه أحمد والبخاري في التاريخ.
(٢) انظر ما كتبه الطبيب النطاسي الدكتور عبد العزيز إسماعيل في كتابه «الإسلام والطب الحديث» .

<<  <  ج: ص:  >  >>