للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غزوة تبوك «١»

وكانت في رجب في العام التاسع، وكان سببها ما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الروم قد جمعت له الجموع تريد غزوه في بلاده، وكان من سياسة رسول الله الحكيمة أنه إذا علم أن قوما همّوا بغزوه أن يبادئهم قبل أن يغزوه وكان قلما يخرج لغزوة إلا ورّى بغيرها؛ ليعمّي الأخبار على الأعداء، إلا في هذه الغزوة فإنه أخبر بمقصده، لبعد الشقة، وشدة الزمان، وكثرة العدو، حتى يأخذ الناس لذلك عدتهم.

وقد اتفق أن كانت هذه الغزوة في زمان عسرة من الناس، وجدب في البلاد، وشدة الحر، كما كانت حين طابت الثمار، فالناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم، لذلك أمر الرسول بالتجهز، واستنفر لذلك أهل المدينة وما حولها، وأهل مكة وما جاورها، واستنفر أيضا الأعراب الضاربين في الجزيرة العربية ممن أسلموا، كي يتكون من ذلك أكبر جيش يمكن إعداده لمقاتلة الروم، ذوي العدد والعدة، والدربة في الحروب.

[الحث على تجهيز الجيش]

وحث رسول الله على البذل والإنفاق في سبيل الله فقال: «من جهز جيش العسرة فله الجنة» ، وتسابق الخيّرون في هذا المضمار، فتبرّع عثمان بن عفان


(١) تبوك: موضع معروف في منتصف الطريق بين المدينة ودمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>