للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي ينعمون فيه بالإيمان والأمان، والحرية والإخاء، والعدل والمساواة، ولذلك لم تكد تنتهي ثلاثون عاما من دعوتهم إلى الإسلام، حتى كانت هذه البلاد قد دخلت في الإسلام، واستظلت بلوائه، وقد كان بدء إرسال الكتب بعد الحديبية في أواخر سنة ست أو أوائل سنة سبع، ولذلك اثرت ذكر هذه الكتب في هذا الموضع.

ولما عزم رسول الله على مكاتبة الملوك والأمراء خرج على أصحابه ذات يوم فقال: «أيها الناس: إن الله قد بعثني رحمة وكافة، فلا تختلفوا علي كما اختلف الحواريون على عيسى ابن مريم» فقال أصحابه: وكيف اختلف الحواريون يا رسول الله؟ قال: «دعاهم إلى الذي دعوتكم إليه، فأما من بعثه مبعثا قريبا فرضي وسلّم، وأما من بعثه مبعثا بعيدا فكره وجهه وتثاقل» ثم ذكر أنه مرسل إلى هرقل وكسرى والمقوقس والنجاشي وغيرهم، يدعوهم إلى الإسلام، فأجابه أصحابه إلى ما أراد، ثم صنع له خاتم من فضة، نقش عليه (محمد رسول الله) ليختم به هذه الكتب.

[كتاب رسول الله إلى القيصر (هرقل)]

وجه رسول الله دحية بن خليفة الكلبي بكتاب إلى قيصر، وأمره أن يدفعه إلى حاكم (بصرى) ليوصله إلى هرقل، ونص الكتاب: «بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم. سلام على من اتبع الهدى أما بعد، فإن أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن تولّيت فإن عليك إثم الإرّيسيين «١» : قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ، أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا: اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» «٢» .


(١) الإرّيسيون: الفلاحون والأتباع، والمراد رعيته لأنها غالبا تتبع ملكها وراعيها.
(٢) سورة ال عمران: الاية ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>