الإسلام إلا لون من ألوان التربية، والبر، والإحسان، وقد رأيت كيف أكرم النبي جويرية بنت الحارث المصطلقية، وسترى كيف عامل صفية بنت حييّ النضرية، وريحانة اليهودية القرظية، ومارية القبطية المصرية.
[الحكمة في تعدد زوجاته عليه الصلاة والسلام]
ولو أن هؤلاء الطاعنين بحثوا بحثا مجردا عن الهوى والتعصب في أسرار تعداده صلوات الله وسلامه عليه لأزواجه لكبّروا إعجابا لنبل المشاعر الإنسانية عند الرسول، ولكنه الهوى يعمي ويصمّ، فلم يكن زواج رسول الله بزوجاته إلا لحكم عالية ومقاصد سامية، وهناك حكم عامة وحكم خاصة.
[الحكم العامة]
١- إن نبينا محمدا صلوات الله وسلامه عليه هو خاتم الأنبياء والرسل، ودينه خاتم الأديان، وشريعته عامة لكل البشر في كل زمان ومكان، وكان حريصا غاية الحرص على أن تبلغ عقائد هذا الدين وشرائعه، وادابه، وأخلاقه إلى جميع البشر، رجالا ونساء، وكبارا وصغارا، وقد كانت زوجاته خير معوان له على تحقيق هذا الواجب الذي هو من أهم واجبات الرسالة، وهو التبليغ، ولا سيما فيما يتعلق بحياة النبي صلى الله عليه وسلم الزوجية والبيتية، مما هو مناط التشريع، ولا يعتبر من أسرار الحياة الزوجية، وطبيعي أنه لا يمكن أن يبلغ ما يتعلق بهذا إلا زوجاته صلى الله عليه وسلم، لأن أصحابه مع حرصهم على تبليغ كل ما يصدر عنه إلا أنهم ما كانوا ليطلعوا على حياته في بيته ومعاشرته أزواجه.
وقد كنّ رضي الله عنهن مصابيح هداية وإرشاد، ووسائل تبليغ في حياة النبي وبعد وفاته، ومن يطّلع على كتب الأحاديث والسنن يعلم إلى أي حدّ تحدثن وروين، وأفتين في مسائل مما يتعلق بالمباشرة الزوجية، والمضاجعة وادابها، والإكسال بعد الجماع، والاغتسال بعده أو عدم الاغتسال، والقبلة أثناء الصوم، وكيف يتمتاع الرجل بامرأته أثناء الحيض والنفاس من غير المباشرة المحرمة، إلى غير ذلك مما يجب على كل مسلم ومسلمة معرفته وإلا وقع في الإثم والحرج من حيث لا يدري.