للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الرّابع زواج عبد الله بامنة

ها هو ذا عبد الله بن عبد المطلب وقد رضي عنه الإله، وعظم فيه الفداء قد أصبح ملء الأسماع والأبصار، وقد كان عبد الله شابا، نسيبا، جميلا، وسيما، غض الإهاب، قوي البنيان، فلا عجب أن غدا مطمع الامال، وغاية الأماني، من الغيد الكواعب الحسان، من شريفات قريش، أن يصرن زوجا له «١» حتى برّح بهن الهوى والحب.

فرأى أبوه عبد المطلب- شريف مكة وسيدها- أن يزوجه بكرا من كرائم البيوتات القرشية، وفكّر الشيخ ثم فكر، حتى هداه تفكيره- وهو العارف بالأعراق والأحساب- إلى فتاة بني زهرة امنة بنت وهب، بن عبد مناف، بن زهرة «٢» ، بن كلاب، بن مرة، فأخذ بيد عبد الله، وذهب به حتى أتى منازل بني زهرة، ودخل وإياه دار وهب بن عبد مناف الزهري، وهو يومئذ سيد بني زهرة نسبا وشرفا، فزوجه ابنته امنة، وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسبا،


(١) روي عن العباس- رضي الله عنه-: «أنه لما بنى عبد الله بامنة أحصوا مائتي امرأة من بني مخزوم، وبني عبد مناف متن- يعني كدن أن يمتن حسرة- ولم يتزوجن أسفا على ما فاتهن من عبد الله، وأنه لم تبق امرأة من قريش إلا مرضت ليلة دخل عبد الله بامنة» (شرح المواهب ج ١، ص ١٣٤) . ومهما يكن من أمر الرواية، أو المبالغة فيها، فهذا أمر معهود في البشر يحدث كل يوم، وسل الأسر في القرى والمدن إذا تزوج ابن مرموق مشهور من غير بنات الأسرة أو القرية- تعلم الحقيقة.
(٢) زهرة: بضم الزاي وسكون الهاء، اسم رجل لا اسم امرأة هي أمه كما زعم ابن قتيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>