وقد ذكر بعض المؤرخين للعرب قبل الإسلام «١» أن قدماء أهل الجاهلية، وهم العرب العاربة، كانوا يسمون الأشهر العربية بهذه الأسماء وهي:
(١)(مؤتمر) ، (٢) و (ناجر) ، (٣) و (خوان) ، (٤) و (صوان) ، (٥) و (ربي) ، (٦) و (ايدة) ، (٧) والأمم، والبعض سماه (الأصم) ، (٨) و (عادل) ، (٩) و (ناطل) ، (١٠) و (واغل) ، (١١) و (رنة) ، (١٢) و (برك) . ومؤتمر هو اسم المحرم، وناجر هو صفر، وهكذا. وقد ذكر البيروني في كتابه «الاثار الباقية» نحوا من ذلك إلا أنه ذكر (الزباء) بدل (ربي) و (بائدة) بدل (ايدة) .
والظاهر أنهم راعوا بعض الظروف الجوية، والأحوال الاجتماعية، والملابسات التي كانوا عليها عند وضعهم هذه الأسماء. فالمؤتمر للمحرم؛ لأنهم كانوا يجتمعون فيه ويأتمرون، والأصم لرجب، لأنهم كانوا يكفون فيه عن القتال فلا يسمع فيه صوت وهكذا.
ثم سمت العرب قبل الإسلام الشهور العربية بالأسماء المعروفة مراعين أيضا الأحوال، وخصائص هذه الأوقات، والأوضاع التي كانوا عليها عند وضع هذه الأسماء، فالمحرم سمّي بذاك تأكيدا لتحريمه لأن العرب كانت تتقلب به، فتحله عاما وتحرمه عاما. وصفر سمي بذلك لخلو بيوتهم منهم حين يخرجون للقتال والأسفار، فهو يأتي بعد ثلاثة أشهر حرم. وشهر ربيع الأول سمي بذلك لارتباعهم فيه، والارتباع: الإقامة في عمارة الربع. وربيع الاخر كالأول.
وجمادى سمي بذلك لجمود الماء فيه، فقد صادف حينما وضعوا الأسماء للشهور أن كان الوقت شديد البرد قال شاعرهم:
وليلة من جمادى ذات أندية ... لا يبصر الكلب في ظلمائها الطّنبا
لا ينبح الكلب فيها غير واحدة ... حتى يلف على خيشومه الذنبا