أهلّت السنة السادسة للهجرة والمسلمون على أحسن حال من القوة والمنعة بالمدينة وما جاورها، منتصرين على قريش ومن تحزّب إليهم من عرب ويهود، فقد ارتد الأعراب منهزمين، كما لقي يهود بني قريظة القصاص العادل بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم.
وقد أرسل النبي عدة سرايا في هذا العام لتأديب بعض القبائل المجاورة جزاء على غدرها، أو مباغتة لها في عقر دارها قبل أن تنفّذ ما بيتته من مهاجمة المدينة، كما قام ببعض الغزوات التي أجلّها خطرا غزوة الحديبية.
[السرايا والغزوات في السنة السادسة للهجرة]
[سرية محمد بن مسلمة قبل نجد]
في المحرم من هذه السنة أرسل النبي عليه الصلاة والسلام محمد بن مسلمة في ثلاثين راكبا لشنّ الغارة على بني بكر بن كلاب، فسار إليهم يكمن النهار ويسير الليل حتى دهموهم على غرّة، فقتلوا منهم عشرة وفر الباقون، واستاقوا الإبل والشاء، وقفلوا راجعين إلى المدينة، فلقيهم ثمامة بن أثال الحنفي سيد بني حنيفة فأسروه وهم لا يعرفونه، فلما قدموا على النبي عرفه وأحسن معاملته، وأطلق سراحه بعد ثلاث بعد أن عرض عليه الإسلام فلم يسلم، فما كان من ثمامة إلا أن عاد وأسلم وصار من خيار المسلمين، وقد قدمنا قصته، ويرى ابن كثير أن هذه السرية كانت بعد خيبر «١» ، فقد روى قصته البخاري