كان من نعمة الله على علي بن أبي طالب، وما أراده الله له من الخير أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثيرة، ولم يكن على ثراء من المال، وإن كان ذا ثراء من الشرف والمكانة في قريش، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للعباس عمه- وكان من أيسر بني هاشم-:
«يا عم إنّ أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة، فانطلق بنا إليه، فلنخفف عنه من عياله، اخذ من بنيه واحدا، وتأخذ أنت واحدا» ، فقال العباس: نعم.
فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه، فقال لهما أبو طالب: إذا تركتما لي عقيلا، فاصنعا ما شئتما، فأخذ النبي عليا، فضمّه إليه، وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه، فلم يزل علي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى بعثه الله، فكان من أوائل من امن به وصدق، بل قيل: إنه أول من أسلم، ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه.
ولقد كان لنشأة الفتى عليّ في بيت النبوة، وتعهد النبي له بالتربية والرعاية أكبر الأثر فيما كان يتمتاع به من صفاء الروح، وقوة الجنان، وفصاحة اللسان، وبلاغة البيان، وغزارة العلم، والشجاعة والبطولة، إلى غير ذلك من الصفات والاداب.
[أحداث في حياة الرسول]
وعاش النبي هذه الفترة من حياته قبل النبوة، وهو في طمأنينة وراحة نفسية، وذلك بفضل السيدة الودود الولود خديجة رضي الله عنها، ورزقه الله منها البنين والبنات، لولا ما شاب هذه الفترة من حياتهما من أحداث كان لبعضها وقع أليم في نفس النبي وزوجه.