للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرِضْواناً: أي يطلبون بأعمالهم الصالحة ثواب الله ورضوانه وهو أعظم من الثواب وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ. سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ:

عليهم سيما الصلاح من الخشوع والتواضع وحسن السمت وإشراق الوجه.

ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ: وبحسبهم فضلا أن ينوّه الله سبحانه بهم في توراته التي أنزلها على موسى عليه السلام. وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ: فرخه، وهو أول ما يبدو منه فَآزَرَهُ: قوّاه وشده. فَاسْتَغْلَظَ:

ترعرع وطال. فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ: غلظ وقوي. يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ: وكذلك أصحاب رسول الله كانوا قلة فكثروا، وضعفاء فقووا، وازروه ونصروه حتى بلّغ رسالة ربه، وعمّ دينه المشارق والمغارب.

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ: من لبيان الجنس أي هم مَغْفِرَةً: لذنوبهم وَأَجْراً عَظِيماً: ثوابا جزيلا، ورزقا كريما لا يعلم قدره إلا الله، ووعد الله حق وصدق لا يخلف ولا يبدل، وكل من اقتفى أثر الصحابة، ونهج نهجهم فهو في ركابهم، وإن كان لهم الفضل، والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة، رضي الله عنهم وأرضاهم، وجعل جنات الفردوس مأواهم.

[المهاجرات المؤمنات]

كان من شروط الصلح كما أسلفنا أن من جاء من قريش إلى النبي مسلما ردّ، فما استقر المقام للنبي بالمدينة حتى جاءت نسوة مؤمنات من قريش منهن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، فجاء أخواها عمارة والوليد حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه فيها أن يردها إليهما فأبى، وروي أنه قال: «كان ذلك في الرجال لا في النساء» ، فأنزل الله سبحانه قوله:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ... الاية «١» .


(١) سورة الممتحنة: الاية ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>